تمثل اللغة الوسيلة التي نعبر بها عن أنفسنا وأفكارنا ومشاعرنا ويمكن أن تكون أصوات أو حركات أو صور ولكن عندما نقول لغة فأول ما يتبادر إلى أذهاننا هو اللغة المنطوقة حيث سنقتصر في حديثنا في هذا المقال عن تطور اللغة عند الأطفال لغاية عمر السنتين لما له من أهمية في فهم كيفية حفظ اللغة العربية للأطفال منذ نعومة أظفارهم.
العوامل التي يعتمد عليها اكتساب اللغة:
درجة النمو اللغوي التي يصل إليها الطفل ومستواه اللغوي يعتمد على عدة عوامل أهمها:
أولًا- الجانب الفيسولوجي ويشمل:
أ- نضج المناطق الخاصة باللغة في الدماغ:
وهذه المناطق لا يمكن للطفل اكتساب اللغة دون نصجها.
ب- نضج الجهاز السمعي:
ويشمل الأذن الداخلية والخارجية والعصب السمعي وما يتعلق به.
ج- نضج الجهاز الصوتي:
ويضم الحبال الصوية والحلق والشفتين واللسان وما يتعلق بها.
ثانيًا- سن الطفل:
وهذا له علاقة بالنضج الفيزولوجي من جانب ومن جانب آخر له علاقة بخبرة الطفل الحياتية، فكلما كبر الطفل سنًا كلما -في الغالب – مر بخبرات تفاعل لغوية مع الآخرين سواء كان سماعًا أو تحدثًا، كما أنه كلما تقدم بالسن كلما زاد نموه العقلي.
ثالثًا- البيئة اللغوية:
ويقصد به الوسط اللغوي المحيط بالطفل إذ أن الطفل يكتسب لغته ممن حوله ويكون مستوى لغته بحسب مستوى اللغة التي يسمعها، وكان العرب قديمًا يحرصون على إرسال أبنائهم إلى البادية ليسمعوا اللغة العربية الفصحى الخالية من اللحن، وإذا ساد في وسط الطفل خطأ ما فإنه سينعكس على لغته كما هو حال اللهجات في كل الوطن العربي، كذلك كثرة الساعات التي يقضيها الطفل في الحضانات الأجنبية أو مع مربين غير عرب سيكون لها أثر سلبي في لغة الطفل.
رابعًا- مستوى اللغة:
أي لغة في العالم تتفاوت مستوياتها من حيث الصعوبة وعلى هذا الأساس يتوقع أن يتدرج الطفل في اكتسابه اللغة من الأسهل للأصعب، وقد بيّنت الدراسات أن الأطفال يعرفون الأسماء قبل الأفعال والأفعال قبل الحروف والظروف.
بينما إدراك المبني للمجهول لا يتم إلّا في أواخر الطفولة، ولا يمكن إدراك المجاز إلّا بدءًا من المراهقة
مراحل نمو وتطور اللغة للأطفال في مرحلة المهد:
يتدرج نمو الطفل لغويًا على النحو التالي:
١- البكاء:
البكاء ما هو إلا تعبير صوتي لما يحتاجه الطفل، ومن هنا فقد عدّ من اللغة، والبكاء أقوى طريقة يستثير بها الطفل الكبار المحيطين به. فمجرد سماعك بكاء الطفل سواء عرفت الطفل أم لا فإن مشاعر الشفقة تستثار لديك، ويتدرج الطفل في البكاء بنوعين:
أ- البكاء غير المميز:
ويقصد به البكاء الذي لا تتغير نبرته بتغيّر الباعث على البكاء وهذا يكون في أول شهرين من عمر الطفل.
ب- البكاء المميز:
وهو البكاء الذي تختلف نبرته باختلاف الباعث على البكاء ، فنبرة بكاء الجوع تختلف عن نبرة بكاء الألم تختلف عن نبرة بكاء الألم ……
فقط من يتفاعل مع الطفل باستمرار هو الذي يفهم بكاءه، فإن بقي طويلًا في الحضانة بعيدًا عن الأم، تصبح مربية الحضانة قادرة على فهم الرضيع أكثر من والدته.
٢- مرحلة المناغاة:
تمتد من بداية الشهر الثالث إلى نهاية الشهر الثامن تقريبًا، يصدر الطفل أصواتًا تشابه الحروف وتشابه أحيانًا كلمات لكنها ليست بكلمات، ويصدر الطفل هذه الأصوات سواء منفردًا أو كان معه أحد.
وإصدار الرضيع لهذه الأصوات ما هو إلا تدريب له لتقليد ما سيسمعه من كلمات فييما بعد في المراحل اللاحقة، وتعتبر هذه الأصوات الأساس لأي لغة إنسانية، وكل الأطفال حتى الصم تقوم بها وهذا يعني أن لا علاقة لها بما يسمعه الطفل.
٣- مرحلة التقليد:
تبدأ في نهاية العام الأول عندما يردد الطفل بعض الكلمات التي يسمعها، ولهذا الصم لا يمرون بهذه المرحلة، وتأخذ مناغاتهم بالتناقص تدريجيًا حتى يتوقفون عنها.
أما نوعية الكلمات التي يرددها الأطفال قبل غيرها فهي غالبًا ذات المقطع الواحد أو المقطع المتكرر مثل: دادا، بابا، ماما، وفي هذه المرحلة يُبقي الطفل على أصوات الحروف التي في اللغة التي يسمعها، ويلغي ما لا يسمعه، بمعنى سيخرج الحروف من مخارج محددة حسب ما يسمعه،
وهذا يفسر ضعف الحروف الخاصة باللغة العربية كالحروف الحلقية والحروف اللثوية وحرف الضاد والصاد والظاء والطاء والقاف وغيرها عند أطفال العرب الذين يقضون ساعات طويلة في الحضانات في المغترب.
٤- مرحلة الجملة ذات الكلمة الواحدة:
تختلف هذه المرحلة عن سابقتها في أن الطفل لا يردد الكلمات التي يسمعها ترديدًا فقط كالببغاء، وإنما يبدأ في توظيفها، واستعمالها.
وهذه المرحلة تستمر إلى العام الثاني.ويقصد بالجملة ذات الكلمة الواحدة أن الطفل ينطق بكلمة واحدة مثل بابا أو ماما أو كُرة وما شابه….
وقصده في ذلك: هذا بابا، هذه ماما، هات الكرة …..
ويلاحظ في هذه المرحلة أن كلمات الطفل محصورة في أسماء الأشياء، فهي لا تتضمن الأفعال ولا الظروف والحروف مثل: على، في، فوق، تحت…
٥- مرحلة الجملة ذات الكلمتين:
وهذا يحدث في آخر العام الثاني عندما يركّب الطفل جملًا من كلمتين، ويلاحظ على تلك الجمل في هذه المرحلة أنها تقتصر على الأسماء والأفعال بينما تخلو من الظروف، وقد أسمى أحد الباحثين هذه اللغة لغة البرقيات، فالطفل يقول على سبيل المثال: “بابا سيارة ” وهو يقصد: بابا في السيارة.
أما عن رصيد الطفل اللفظي فيستمر في اكتساب ألفاظ جديدة معرفة ونطقًا بشكل سريع لفت أنظار الباحثين، وقد قدرت بعض الدراسات بأن الطفل عند سن السنتين يعرف ما يصل إلى ثلاثمئة كلمة تقريبًا إلّا أنّه لا يستعملها كلها، ذلك لا يشمل فقط تعلم اللغة العربية للأطفال إنما أي لغة أخرى.
انتهت رحلة مقالتنا اليوم عن تطور لغة الأطفال وهي من أساسيات علم نفس مراحل النمو والذي لا غنى عنه لكل من يتعامل مع الأطفال
قد يهمك أيضًا:
الشراء للأطفال بين التوازن والإفراط
عندما ينشأ الأطفال الى صفحات الإنترنت
تجد الكثير من الأشياء القّيمة في موقع المدرسة العربية الافتراضية في اليابان